علاء إسماعيل: إسقاط شحاتة!

أيام صعبة وساعات عصيبة وأجواء ضاغطة عاشها حسن شحاتة مدرب منتخب مصر
قبل المبارة المهمة مع جنوب إفريقيا، البعض استنكر تصريحاته التي أدلى بها
في جوهانسبرج والتي كشف فيها غضبه وتألمه مما أحاط به من تيارات معادية
لشخصه منذ اندلاع ثورة 25 يناير.

قالوا: "لم يكن موفقا في الكلام قبل المباراة بأربعة أيام"، وقالوا:
"كان عليه أن يركز في التحضير للمباراة"، وقالوا: "إنه يدرك أن رحيله مؤكد
في حال الهزيمة فقام بتفريغ ما في قلبه من شحنات الغضب والمرارة والحزن"،
وكلام كثير ردده من يتمنى رحيل هذا المدرب الوطني.

وللحق فإن شحاتة عاش أسوا أيامه منذ أن بادر بتأييد الرئيس السابق ثم
اختفى عن الأنظار عدة أيام، وقامت الدنيا ضده وهاله كثافة الهجوم عليه من
كل جانب لكن ما أزعجه وأبكاه وأوجعه تخلي اتحاد الكرة الذي ينتمي إليه
وساهم في بقائه، بل شارك الاتحاد في تشويه صورته رغم ما حققه للوطن من
انتصارات رياضية وضعت اسم الكرة المصرية ضمن العشرة الأوائل في تصنيف
الاتحاد الدولي عدة مرات.

وبسبب عنف الصدمة قام المدرب بتوجيه نقد عنيف وصريح لأول مرة ضد سمير
زاهر رئيس الاتحاد لموقفه السلبي من الهجوم الذي صدر من داخل الاتحاد وعدم
تدخله، وأزعم أنني أعرف كيف يفكر شحاتة الذي اقتربت منه كثيرا منذ كان
لاعبا نجما ثم مدربا بدولة الإمارات، وأعلم أن ما أزعجه تداول صحف سعودية
أنباء عن مخاطبة مختار مختار مدرب نادي الوحدة وطرح أمر توليه تدريب منتخب
مصر، وكان يمكن أن يعتبرها شائعة وفبركة صحافية، لولا أن سمير زاهر كان في
السعودية بالفعل لحضور اجتماع الاتحاد العربي، ولم ينف الشائعة رغم
التقاطها في وسائل الإعلام المحلية على نحو يسيء إليه كمدرب يستعد لخوض
مباراة مهمة.

واضطر زاهر إلى نفي الخبر بعد أن نما إلى علمه الوقع السيئ لدى شحاتة ولكن بعد أن ازداد الشرخ في العلاقة عمقآ.

شحاتة سافر إلى جنوب إفريقيا أشبه بالقنبلة القابلة للانفجار وحاول
التماسك لكن بعد 48 ساعة انفجر ما بداخله وكشف عما يفيض به قلبه، وللعلم
عرض الأمر على بعض كبار اللاعبين فوجد منهم تأييدا وأعلنوا مساندته في كل
حرف سيتفوه به وهو ما يعكس المناخ النفسي للفريق قبل المباراة.

عندما اندلعت ثورة الشباب كان شعارها الأول "الشعب يريد إسقاط النظام"
وفي قطاع الرياضة وفي غمرة الفوضى الضاربة وتداول ما يوصف بالقوائم السوداء
رفع البعض شعارا غريبا يقول: "الجماهير تريد إسقاط شحاتة"، واللافت أن حسن
شحاتة دفع بمفرده ثمنا فادحا لما حصل عليه من تكريم وتقدير ودعم من الرئيس
السابق في الوقت الذي قفز فيه البعض من السفينة ولاذوا بالفرار، ولم يكن
من اللائق أن يوصف بأنه ينتمي لفلول النظام البائد، فلم يكن سياسيا في يوم
من الأيام، ويبدو أن جريمته الكبرى هي التكريم الذي ناله عقب فوز المنتخب
ببطولة إفريقيا ثلاث مرات متتالية.

شحاتة في جوهانسبرج انفجر ولم يدافع عن نفسه فحسب بل كشف كيف يدار اتحاد
الكرة، فقد تحدث قبل المباراة كاشفا عن مؤامرة تحاك ضده لإسقاطه يحركها
قيادات لا يملكون السيرة النزيهة وذكر بجرأة اسم مجدي عبد الغني عضو مجلس
الإدارة ضمن الداعمين لحملة التحريض والإساءة إليه تارة بدعوى التغيير
وتارة أخرى لرفضه تخفيض راتبه.

الدلالة واضحة فالمدرب الكبير كان منشغلا لأقصى درجة بما يقال عنه في
القاهرة ولم يشأ السكوت فأطلق العبارات المشحونة بالألم والحزن والمرارة
وكأنه يودع المنتخب بل الكرة المصرية كلها غير نادم على ما حققه من
إنجازات، وما حدث لشحاتة لا ينفصل عما يدور في الشارع المصري من خلط
وارتباك خاصة بعد نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي صدمت
الشباب الثوار ومن يشحنهم من المثقفين فقد اكتشفوا أن ميدان التحرير لا
يملك الكلمة الفاصلة بل الأغلبية الصامتة التي رحبت بإسقاط النظام وتطالب
بعودة الحياة ودوران عجلات العمل إلى المصانع والمؤسسات والجامعات.

وفي ظني أن شحاتة المنفجر غضبا كان يدرك تماما حساسية الظرف الذي يحيط
بالمباراة ويعلم أن الهزيمة تعني رحيل سمير زاهر عن رئاسة اتحاد الكرة
المتداعي للانهيار ومن المؤكد أنه كان عازما الرحيل إن عاجلا أو آجلا.

شحاتة أراد أن يسقط نفسه لا أن يسقط بمؤامرة في أجواء مسمومة لا يعرف مداها إلا الله
.

علاء إسماعيل: إسقاط شحاتة! Shht

» حسن شحاتة يختار لاعبي المنتخب استعدادا لأمم إفريقيا
» شحاتة يمنع الصحافة من حضور التدريبات.. وفيري يشيد بالفراعنة
» شحاتة يكتفي بالمحترفين الخمسة للقاء الكونجو